سورة العنكبوت - تفسير تفسير النسفي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (العنكبوت)


        


{والذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات} هو مبتدأ والخبر {لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِى الصالحين} في جملتهم. والصلاح من أبلغ صفات المؤمنين وهو متمنى الأنبياء عليهم السلام قال سليمان عليه السلام {وَأَدْخِلْنِى بِرَحْمَتِكَ فِى عِبَادِكَ الصالحين} [النمل: 19] وقال يوسف عليه السلام {تَوَفَّنِى مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِى بالصالحين} أ [يوسف: 101] وفي مدخل الصالحين وهو الجنة.
ونزلت في المنافقين {وَمِنَ الناس مَن يِقُولُ ءامَنَّا بالله فَإِذَا أُوذِىَ فِى الله} أي إذا مسه أذى من الكفار {جَعَلَ فِتْنَةَ الناس كَعَذَابِ الله} أي جزع من ذلك كما يجزع من عذاب الله تعالى: {وَلَئِنْ جَاء نَصْرٌ مّن رَّبّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ} أي وإذا نصر الله المؤمنين وغنمهم اعترضوهم وقالوا: إنا كنا معكم أي متابعين لكم في دينكم ثابتين عليه بثباتكم فأعطونا نصيبنا من الغنم {أَوَ لَيْسَ الله بِأَعْلَمَ بِمَا فِى صُدُورِ العالمين} أي هو أعلم بما في صدور العالمين من العالمين بما في صدورهم ومن ذلك ما في صدور هؤلاء من النفاق وما في صدور المؤمنين من الإخلاص، ثم وعد المؤمنين وأوعد المنافقين بقوله:


{وَلَيَعْلَمَنَّ الله الذين ءامَنُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ المنافقين} أي حالهما ظاهرة عند من يملك الجزاء عليهما {وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ اتبعوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خطاياكم} أمروهم باتباع سبيلهم وهي طريقتهم التي كانوا عليها في دينهم، وأمروا أنفسهم بحمل خطاياهم فعطف الأمر على الأمر وأرادوا ليجتمع هذان الأمران في الحصول أن تتبعوا سبيلنا وأن نحمل خطاياكم. والمعنى تعليق الحمل بالاتباع أي إن تتبعوا سبيلنا حملنا خطاياكم، وهذا قول صناديد قريش كانوا يقولون لمن آمن منهم: لا نبعث نحن ولا أنتم، فإن كان ذلك فإنا نتحمل عنكم الإثم {وَمَا هُمْ بحاملين مِنْ خطاياهم مّن شَئ إِنَّهُمْ لكاذبون} لأنهم قالوا ذلك وقلوبهم على خلافه كالكاذبين الذين يعدون الشيء وفي قلوبهم نية الخلف {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ} أي أثقال أنفسهم يعني أوزارهم بسبب كفرهم {وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ} أي أثقالاً أخر غير الخطايا التي ضمنوا للمؤمنين حملها وهي أثقال الذين كانوا سبباً في ضلالهم وهو كما قال: {لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ القيامة وَمِنْ أَوْزَارِ الذين يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [النحل: 25] {وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ القيامة عَمَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} يختلقون من الأكاذيب والأباطيل.
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً} كان عمره ألفاً وخمسين سنة؛ بعث على رأس أربعين ولبث في قومه تسعمائة وخمسين سنة وعاش بعد الطوفان ستين. وعن وهب أنه عاش ألفاً وأربعمائة سنة فقال له ملك الموت: يا أطول الأنبياء عمراً كيف وجدت الدنيا؟ قال: كدار لها بابان دخلت وخرجت. ولم يقل تسعمائة وخمسين سنة لأنه لو قيل كذلك لجاز أن يتوهم إطلاق هذا العدد على أكثره وهذا التوهم زائل هنا فكأنه قيل: تسعمائة وخمسين سنة كاملة وافية العدد إلا أن ذلك أخصر وأعذب لفظاً وأملأ بالفائدة، ولأن القصة سيقت لما ابتلي به نوح عليه السلام من أمته وما كابده من طول المصابرة تسلية لنبينا عليه السلام فكان ذكر الألف أفخم وأوصل إلى الغرض. وجيء بالمميز أولاً بالسنة ثم بالعام، لأن تكرار لفظ واحد في كلام واحد حقيق بالاجتناب في البلاغة {فَأَخَذَهُمُ الطوفان} هو ما أطاف وأحاط بكثرة وغلبة من سيل أو ظلام ليل أو نحوهما {وَهُمْ ظالمون} أنفسهم بالكفر.


{فأنجيناه} أي نوحاً {وأصحاب السفينة} وكانوا ثمانية وسبعين نفساً نصفهم ذكور ونصفهم إناث منهم أولاد نوح سام وحام ويافث ونساؤهم {وجعلناها} أي السفينة أو الحادثة أو القصة {ءايَةً} عبرة وعظة {للعالمين} يتعظون بها.
{وإبراهيم} نصب بإضمار اذكر وأبدل عنه {إِذْ قَالَ} بدل اشتمال لأن الأحيان تشتمل على ما فيها، أو معطوف على {نوح} أي وأرسلنا إبراهيم، أو ظرف ل {أرسلنا} يعني أرسلناه حين بلغ من السن، أو العلم مبلغاً صلح فيه لأن يعظ قومه ويأمرهم بالعبادة والتقوى. وقرأ إبراهيم النخعي وأبو حنيفة رضي الله عنهما: {وإبراهيمُ} بالرفع على معنى (ومن المرسلين إبراهيم) {لِقَوْمِهِ اعبدوا الله واتقوه ذلكم خَيْرٌ لَّكُمْ} من الكفر {إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} إن كان لكم علم بما هو خير لكم مما هو شر لكم {إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله أوثانا} أصناماً {وَتَخْلُقُونَ} وتكذبون أو تصنعون. وقرأ أبو حنيفة والسلمي رضي الله عنهما {وتخلّقون} من خلق بمعنى التكثير في خلق {إِفْكاً} وقرئ {أفكا} وهو مصدر نحو كذب ولعب. والإفك مخفف منه كالكذب واللعب من أصلهما واختلاقهم الإفك تسميتهم الأوثان آلهة وشركاء لله {إِنَّ الذين تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً} لا يستطيعون أن يرزقوكم شيئاً من الرزق {فابتغوا عِندَ الله الرزق} كله فإنه هو الرازق وحده لا يرزق غيره {واعبدوه واشكروا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} فاستعدوا للقائه بعبادته والشكر له على أنعمه، وبفتح التاء وكسر الجيم: يعقوب.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8